كتاب العلامة الأديب كريم راجح شيخ قراء دمشق / لمحات من عمره ونفحات من شعره

الحديث عن هذا الشيخ الجليل، والحبر الإمام حديث ذو شجون، لا يكفي في بيانه مجلد أو مجلدان، فالشيخ متعدِّد المواهب، متشعّب الفنون، على طريقة الأئمة المتقدمين، فهو المفسِّر المتدبر لكلام الله تعالى، وهو الفقيه المفتي العارف بدقائق الفقه وأحوال الناس، وهو اللغوي البصير الناقد، وهو المقرئ الجامع المحيط بوجوه القراءات وعللها، وهو الشاعر الأديب الذي يلين على لسانه كلام العرب البليغ العالي، وهو الداعية المربي الذي تشهد لوعظه المناسبات الشامية من فرح أو حزن، وهو الخطيب المصقع البليغ الفصيح الذي تهتز من خطبه أعواد المنابر، مع غيرة على الإسلام، وجهاد في تبليغ القرآن، كل هذه المواهب التي تفرَّق كثير منها في غيره اجتمعت فيه، وعليه؛ فلا يكفي في بيانها مجلد ولا مجلدان، كيف وقد عاشها الشيخ قرابة قرن من الزمان؟
إلا أني أحببت في هذا الكتاب الذي نهدت فيه إلى جمع شيء من شعر الشيخ أن أقدم بين يديه بترجمة متوسطة له، أشير إلى أهم ملامح سيرته، وأقف عند أبرز محطات حياته، أحفظ فيها تاريخًا عظيماً للمسلمين يفتخرون به ويفاخرون، وأُذَكِّر فيها أبناء جيلنا بعَلَم من أعلام الأمة اليوم يحكي سير الأعلام المتقدمين؛ ليكون مثالًا يحتذى في همته العالية، ووفائه لمنهجه ومدرسته وشيوخه، وصدعه بكلمة الحق، وإفادته المسلمين، مع التواضع الجم، واللين في أيدي المؤمنين.